تصوّر طفولي

أتذكر في فترة الطفولة كيف كانت نظرتي للأكبر سنا، كيف هم رائعون وكيف أني أريد أن أصبح مثلهم، وأتذكر نفوري واستهجاني من الأشخاص السيئين الأكبر سنا، وكنت لا أدرك حقيقة ما يجعل من المرء رائعا أو سيئا، الشيء الذي كنت أعرفه هو أنني إذا كنت طفلا جيدا يسمع الكلام سأصبح في النهاية شخصا رائعا.

كأنني وبشكل لا واع، أتصور الروعة تأتي تبعا مع تقدم السن في حال كنت طفلا جيدا، ويظل هذا التصور اللاواعي ملازما طوال السنين، ومختبئا بين سطور المعرفة التي تناقضه تماما، إلى أن اصطدمت بالواقع، وبدأت أدرك أنني الآن في مرحلة (الأكبر سنا).

أمران جعلاني أتوقف للتأمل: الأول هو اختلاف نظرتي الآن عن السابق للأشخاص السيئين، والثاني هو مشاهدة أقراني في السن ومدى روعتهم مقارنة بي.

أتذكر في طفولتي أني شاهدت فيلما قصيرا يصف حال مدمن المخدرات، وكيف يدنس كرامته ويؤذي عائلته من أجل نشوته، كنت أراه شخصا غبيا حقيرا! كيف لا يستطيع أن يكف عن المخدرات وحسب! كيف يؤذي والدته من أجل المال، كنت أستحقره ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن أكون مثله أبدا!

بالطبع، ليس الأمر أني أصبحت مدمن مخدرات، الأمر فقط أني لم أصبح رائعا كما أردت، وكنت حينما أفعل أمرا سيئا، أتخيل طفلا ينظر إلي ويمقت مدى غبائي واشمئزازه مني…

أصبحت الآن أنظر للمسيء على أنه إنسان جيد قام بتصرف سيء، لماذا؟ لأنه لا يوجد إنسان سيء محض! ولأنني سبق وقمت بأعمال سيئة -كالجميع- وأعلم في داخلي أني لست إنسانا سيئا...

الأمر الآخر بخصوص وقفة التأمل، هو أنه في الآونة الأخيرة بدأت أرى كثيرا من الأشخاص الرائعين وهم في مطلع العشرينات…مثلي تماما، وأنا لم أصبح رائعا بعد! لا أستطيع الاحتجاج بعد الآن بأني لست كبيرا كفاية، سيجعلني ذلك غبيا أكثر، فالحل الوحيد هو الاعتراف بأنني يجب أن أواجه ذلك التصور الطفولي، وأعمل على أن أصبح رائعا كما أردت يوما.

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑